18 ديسمبر 2009

عندما يتحوَّل الهاتف النقال إلى نقمة

عندما يتحوَّل الهاتف النقال إلى نقمة
معاكسات، نزاعات و تفاصيل شديدة الخصوصية أمام مسمع الخَلق






لطالما كانت وسائل الاتصال، و تكنولوجيا المعلومات سلاحًا ذا حدين، يتحدد تأثيرها على الشخص بطريقة استعماله لها، و لعل الوسيلة التي باتت ترافقنا في كل وقت وفي أيّ مكان، هي الهاتف النقال، أو كما يحلو للشباب تسميته (الموبايل)، الذي بات يستحيل على أيٍّ منَّا، أن يخطو خطوة دون أن يحمله معه، ويرتبك شديد الارتباك لو نسيه في البيت أو مكان العمل، وقد يكون وقع الكارثة أعظم إذا ضاع منه.

.
وفي أيامنا المتعولمة، بات للأطفال أيضًا هاتف نقال، بدعوى الاطمئنان عليهم مثلًا، و هم راجعون أو ذاهبون إلى المدرسة – على أساس على أيامنا، أهالينا كانوا سامحين فينا- ما علينا.
المدهش، بل والغريب في الأمر، كيف تمكن هذا الجهاز الصغير، المليء بالأسرار والخبايا، من تغيير عادات كثيرة في البشر، فبعد أن كانت أسرار البيوت و المسائل الشخصية من مشاريع، و مشاكل، وحكاوي ... من بين الخصوصيات التي تتميز بحرمة خاصة جدًّا، ولا يمكن بأيِّ حالٍ من الأحوال الحديث عنها أمام أيٍّ كان ... و يضع لها الجميع خطوطا حمراء حتى لا يتخطاها أحد، هاهي اليوم تعرض على الملأ، فلم يصبح الناس يتحرجون من مناقشة أدق تفاصيل حياتهم و مشاكلهم الشخصية أمام مسمع و مرأى العامة، سواءً في الشارع أو الحافلات، أو أماكن العمل، ببساطة تنطبق عليهم الجملة : في الأماكن العامة يحلو الحديث و السمر. و كل هذا ناتج عن الاستعمال الفوضوي وغير الرشيد للهاتف النقال.
فمن منَّا، لم يصادفه أن ركب الحافلة أو(الأوتوبيس) و الصداع ينخر رأسه، ليفاجأ بشخص يروي حيثيات حياته بجميع تفاصيلها، ودون الشعور بأي حرج، وتجده يتحدث بكل طلاقة دون اللجوء إلى خفض صوته، و لعلك تلتقي أمثال هذا الشخص يوميًّا، فهذا مشكلته مع مديره في العمل،
وذاك مشكلته مع زوجته، و تلك تسترسل في إطلاق قهقهات متواصلة، و كأن من يكلمها لا يكف عن قول النكات... بل وقد يصل الأمر لأبعد من ذلك، عندما تصادف شابًّا في مقتبل العمر، وقد رنَّ هاتفه النقال، ليرد بأنَّ الرقم خاطئ، لكنك تندهش من مواصلته الكلام مع الشخص المتصل، و سرعان ما تكتشف أنها إحدى الفتيات -من طريقة كلامه- ليدخل الاثنان في حديث مفتوح يسمعه و يفهمه كل حملتهم الصدفة، ليكونوا شاهدين على هذه المكالمة، وتدريجيًّا تلحظ تحوّلًا في الحديث الذي بدأ بخطأ في الرقم، ليصير غزلًا صريحًا يثني فيه على صوتها الدافئ و كلامها الرقيق، و ينتهي بضرب موعد للقاء – خطأ، فكلام، فموعد- دون أدنى نوع من الحرج من الموجودين الذين أطلقوا العنان لآذانهم و هم يستمعون لهذا المسلسل الإذاعي – باعتبار أنهم يستمعون فقط- الذي يبث إحدى حلقاته على الهواء مباشرةً.
مغامرات الشباب مع الموبايل، لا تنتهي عند هذا الحد، فقد تصادف و أنت في الشارع، أو في طريقك للعمل أو البيت... رجلًا أو امرأة في قمة الغضب و في حالة هستيريا لا يحسد عليها ، لتكتشف أنَّ ثمة نزاعًا في الموضوع، أحد أطرافه المتحدث إليه عبر النقال، و رحماك يا الله، عندما تسمع عبارات السبِّ و الشتم و قد انطلقت لتغمر الشارع بوقعها العكر، الأمر الذي قد يقود أحدًا ممن تضطره نخوته للتدخل بطلب اخفاض الصوت و الكف عن الكلام البذيء احترامًا للنَّاس.
ربَّما، تذكرت بدورك أحد هذه المغامرات، التي قد مررت بها شخصيًّا -فما أكثر هؤلاء- و من المؤكد أنك استغربت تصرف من صادفتهم، أو على الأقل تساءلت كيف يستطيع هؤلاء الأشخاص البوح بجميع أسرارهم، و كشف مشاكلهم أمام الملأ؟ و الإجابة ستكون أغرب، إذ أنَّ إحدى الفتيات اللواتي سألناهن عن طريقة حديثهنّ في الهاتف - والتي كانت تتخللها قهقهات متقطعة و كلام تغلفه مختلف الصور البيانية والبلاغية- دون أن يحمر وجههن خجلًا، فقد ردت إحداهنّ و ببساطة شديدة – مستغربة اندهاشنا- أنها لا تأبه لأحد ممّن سمعها أو يسمعها، فهي لا تعرف أي أحد منهم، و بالتالي لن يستطيع أحد إيذاءها، حتى إن سمعوا بسرّها، و كأن المشكلة تكمن في مجرد الإيذاء لا غير...!!
.
هذه التصرفات التي باتت واقعًا معاشًا، و سلوكا يوميًّا للكثيرين، قد تمرّ مرور الكرام بالنسبة لأشخاص كثُر، ولكنها قد تثير في نفوس أشخاص آخرين الكثير من التحفظات، خاصة إذا كان محتوى هذه المكالمات لا يتلاءم مع خصوصية الأماكن العامة، و مجتمع من المعروف، أو من المفترض أن يكون محافظًا.

31 أكتوبر 2009

التدوين واقع يفرض نفسه، ولكن...

التدوين واقع يفرض نفسه، ولكن...
.

تمكنت المدونات في وقت قياسي، من فرض نفسها على الساحة الإلكترونية، و تمكن المدونون باختلاف مستوياتهم، و توجهاتهم، من خلق متنفس لهم، يستطيعون من خلاله التعبير عن آرائهم، ونظرتهم في مسائل عامة، وخاصة، تمس مجتمعاتهم الصغيرة منها، والكبيرة، كما لجأ بعض الصحفيين إلى التدوين، عن طريق حجز مساحة عبر شبكات، ومواقع التدوين الخاصة؛ ليفرغ مكبوتاته التي لطالما منع من نشرها في المؤسسة التي يعمل لديها.
وبتطور المدونات، وانتشار استعمالها، تطورت نظرة المدونين، ومالت إلى الإتحاد، فبرزت الاتحاديات الخاصة بالمدونين المصريين، المغاربة... و حتى العرب، ليتكتل هؤلاء المدونون في تجمعات، تنادي بالاعتراف بهم، وفرض أهدافهم، و تطلعاتهم.
وبعد سلسلة من التطورات، حاولت فرض التدوين كنوع من أنواع الصحافة الإلكترونية، بادرت - مؤسسة صاحبة الجلالة، بحضور مجلس نقابة الصحفيين، ومن خلال ندوة جاءت تحت عنوان "المدونات الإلكترونية بين الممارسة والقانون"- بتسليط الضوء على التدوين بين كونه طريقة حديثة للنشر، وإبداء الرأي، و بين التجاوزات التي قد يقع فيها المدون؛ ليعتدي بذلك على حرية الآخر.
هذا وكان هاني عمارة، عضو مجلس نقابة الصحفيين، قد أعلن أن مكرم محمد أحمد، نقيب الصحفيين، قد أمر بتشكيل لجنة تضم عددا من المختصين و الخبراء؛ لتحديد معايير الصحيفة الإلكترونية، وطريقة تجعل إمكانية إلحاق المدونين لعضوية نقابة الصحفيين، وفقا لمعايير المحرر الإلكتروني التي سيتم وضعها، معللة ذلك بأن النقابة لا يمكنها إهمال المدونين، بعدما احتلوا مكانة هامة في البناء المعلوماتي للمجتمع المصري.
من جهته أعلن أيمن فاروق، المدير التنفيذي، لمؤسسة صاحبة الجلالة أن شبكة الإعلاميين؛ من أجل اللامركزية، ستشرع في إعداد دراسة شاملة، تتطرق فيها لإيجابيات، وسلبيات المدونين، من خلال تجميع قاعدة بيانات حولهم، تساعد في الاتصال بهم بعد ذلك؛ لعقد مؤتمر عام يبحثون فيه المشاكل التي يتعرضون لها.
هذه المبادرة، التي أثلجت صدور عدد كبير من المشاركين، و المدونين، و التي رأوها خطوة إيجابية؛ لتشجيع الصحافة الشعبية، ألقت بظلال الاستياء على الصحفيين الممارسين للمهنة، في عدة مؤسسات إعلامية، سواء كمحررين أو مراسلين، و الذين لازالوا يصارعون ظروف مهنة المتاعب؛ للحصول على عضوية نقابة الصحفيين، التي بات يراها الكثيرون شيئا صعب المنال.
و إن كانت النقابة ترى أن إهمال فئة المدونين أمر غير عادل، فهي اليوم تطالبهم بالنظر لحال الصحفيين العاملين في المجال الإعلامي المحض؛ للنظر في ملفاتهم، و منحهم عضوية نقابة الصحفيين.
و في انتظار الإجابة على عدة تساؤلات، تطرح نفسها في الوقت الحاضر، يبقى أن تحمل لنا الأيام القادمة إجابات قد تكون مقنعة .
.

25 أكتوبر 2009

الرابع و العشرون أكتوبر: يقسم مسلمي الفيس بوك إلى مقاطع و مبلّط

الرابع و العشرون أكتوبر/ تشرين الأول
يقسم مسلمي الفيس بوك إلى مقاطع و مبلّط



بين مؤيد و معارض، انقسم مشتركو الفيس بوك إلى فئتين يوم أمس الرابع و العشرين أكتوبر/ تشرين الأول، و ذلك بعد الحملة التي أطلقها شباب مسلمون، تنادي بمقاطعة الموقع الاجتماعي الأكثر شهرة في العالم، ردًّا على المجموعات المسيئة للإسلام، و ذلك لمدة يوم كامل.
.
تأتي حملة "قاطع الفيس بوك يوم 24 أكتوبر" التي حملت أكثر من شعار؛ لمحاربة أكثر من مجموعة -جروب- على موقع الفيس بوك، و للردّ على الحملات الشرسة التي يقودها المتهجمون والكارهون للدين الإسلامي، خاصة بعد أن أقدمت فتاة ألمانية تدعى "دينا ميلانى" على إنشاء مجموعة باسم "القرآن على ورق تواليت"، داعية إلى استخدام القرآن كورق "مناديل" في دورات المياه، ومعلنة أيضا عن كراهيتها للإسلام. وكانت ميلانى قد كشفت على موقعها، بأن متطرفين إسلاميين أرسلوا أكثر من 130 رسالة كراهية –بعد إنشاء المجموعة- تضم تهديدات بقتلها، وهو ما يدل على "إرهاب المسلمين وعدم تقبلهم للرأي الآخر"، على حد قولها.
.
الدعوة التي تبناها أحد مشتركي الفيس بوك، لاقت قبولًا واسعًا بين المشتركين، الذين سبق لهم وأن طالبوا إدارة الموقع بإغلاق المجموعة المسيئة للقرآن الكريم، وجميع المجموعات المسيئة للإسلام، إلا أن إدارة الموقع لم تستجب لهم، ما جعلهم يتكتلون في مجموعات تنادي بمقاطعة الموقع يوم الرابع و العشرين من أكتوبر.
.
في المقابل ردت مجموعة "هنبلّط في الفيس بوك يوم 24 أكتوبر" على الحملة على طريقة (خالف تعرف)، مبررة حسب صاحبها أمجد مجاهد أنَّ المجموعات التي تنادي بالمقاطعة تستخف بعقول الشباب، مرددين أن المقاطعة تسبب خسائر مادية لأصحاب الفيس بوك، مثل حملة المليار مسلم، مع العلم أنَّ عدد مستخدمي الموقع لم يبلغ هذا الرقم، مضيفًا أنَّ هناك من بالغ وزاد فطالب بجمع عشرة مليارات شخص في مجموعة واحدة، علمًا بأنَّ عدد سكان العالم لم يبلغ هذا العدد.
.
وفي ظل انقسام الآراء، يبقى علينا ترقب نتائج هذه الحملات بعد الرابع و العشرين من أكتوبر، التي يأمل القائمون و المشتركون فيها تحقيقها، سواء أولئك الذين شاركوا في المقاطعة أو التبليط على رأي الرافضين للاستجابة.

24 أكتوبر 2009

يوم الاحتفال الشعراء العرب


الخامس و العشرون أكتوبر/ تشرين الأول
يوم الاحتفال بالشعراء العرب


مرت سنتان على تشييد صرح تجمع شعراء بلا حدود، تمكن خلالهما من المضي قدما، في كل ما من شأنه خدمة الأدب و الإبداع، وها هو اليوم يثبت من جديد تألقه، ويشد الهمة؛ للاحتفال بيوم الشعراء العرب، الذي يصادف الخامس و العشرين من أكتوبر/ تشرين الأول، للمرة الثانية على التوالي منذ نشأته عام 2007؛ للتعبير عن وحدة الشعراء و التفافهم حول هدف واحد وكلمة واحدة، تحمل في طياتها معانٍ تقاس بها مكانة الإنسان، و رقيه، وتعترف بدور الشعر، و الكلمة الأصيلة في النهوض بالأمة العربية.
.
وبهذه المناسبة الثقافية الفريدة، عمد رئيس تجمع شعراء بلا حدود، الشاعر محمود النجار، إلى بعث رسالة ملؤها النشاط الثقافي و الجهد الأدبي في شتى الدول العربية؛ للاحتفال بهذا العرس الثقافي، والتجمّع حول مائدة مزينة بكلمات الشعر، و قصائده في شتى الأشكال، و الألوان، و القوالب. ولم يتخلف الشعراء العرب عن تلبية النداء، على غرار شعراء أرض الكنانة، و تونس الخضراء وغيرهم من الشعراء المنتشرين في كافة الدول العربية، الذين سارعوا إلى بدء التحضير لهذه المناسبة الراقية، لبناء جسور التواصل بين الشعراء العرب، و إرسال كلمات عميقة من شأنها توطيد العلاقات بين الشعراء العرب، وذلك من خلال تنظيم أمسيات شعرية و تظاهرات أدبية و كذا ندوات تحمل كلمات تصب جميعها في قالب التوحيد بين الشعراء.
وسيتجسد الاحتفال بيوم الشعراء العرب، العابق بعطر الحروف العميقة، و الثقافة المنيرة – الذي سيمتد على مدار يومين هما 25 و 26 أكتوبر/ تشرين الأول- من خلال سلسلة من الفعاليات الأدبية التي ستشهدها بعض الدول العربية، إذ سيتمكن شعراء مصر من الاحتفال بيوم الشعراء العرب على مدار يومين، الأول في قاعة اتحاد الكتاب في قلعة علي باشا، و الثاني سيكون في مقر جمعية المترجمين و اللغويين المصريين، و ذلك وسط حضور مهم لكبار الشعراء و الشخصيات و الإعلاميين المصريين.
.
ولن تختلف أجواء الاحتفال في العاصمة اليمنية صنعاء، إذ سينظم تجمع شعراء بلا حدود بالتعاون مع مركز الدراسات و البحوث بصنعاء، أصبوحتين شعريتين تحت إشراف عضو مجلس الإدارة، الشاعرة ميسون الأرياني، و سيتخلل الاحتفال، قراءات شعرية ومشاركات عن قيمة الشعر و ما يمثله في عصر العولمة.
أما في الأردن، فسيُحتفل بيوم الشعراء، من خلال قراءات شعرية للشعراء المشاركين، و كذا إقامة ندوة يوم السادس و العشرين من أكتوبر/ تشرين الأول يدور محورها حول مستقبل تجمع شعراء بلا حدود ، وذلك بحضور رئيس التجمع، الشاعر محمود النجار.
.
غزة الصمود، هي الأخرى لن تفوت عليها فرصة الاحتفال بهذا اليوم الراقي بدلالاته المعنوية، حيث سيُقدم في جامعة الأزهر بفلسطين، قراءات شعرية لنخبة من الطلبة الموهوبين، و ندوة بعنوان " التواصل الإبداعي بين شعراء التجمع" تحت إشراف الدكتور عبد الله كراز.
وفي المغرب، سيعرف المركب الثقافي بآنفا بمدينة الدار البيضاء، فعاليات الاحتفال بيوم الشعراء العرب، أين سيشارك في إحياء هذا اليوم المميز نخبة من شعراء المغرب و المغرب العربي.
.
وعلى نفس الخطى تسير تونس الخضراء، التي ستنظم أمسية شعرية بالمناسبة بدار الثقافة بسبيطلة و التي ستأتي تحت إشراف عضو مجلس الإدارة، الشاعرة ضحى بوترعة، و ذلك بمشاركة شعراء المنطقة و وسط برنامج ثري يليق بهذه المناسبة الثقافية.
.
و حتى لا تتغيب هي الأخرى عن إحياء هذا الحدث الثقافي سعت موريتانيا جاهدة للتنسيق مع الجهات المختصة لتكلل جهودها بالنجاح، لتحتضن عدة قاعات هذا العرس، ففي صباح يوم الخامس و العشرين من أكتوبر/ تشرين الأول ستعرف قاعة اتحاد الكتاب و الأدباء الموريتانيين قراءة بيان تجمع شعراء بلا حدود و كذا توزيع موطيات تعريفية بالتجمع و أهدافه الراقية، كما يتنشط ندوة يدور فحواها عن الأدب الإلكتروني. أما مساء نفس اليوم فسيتم الانتقال إلى قاعة المتحف الوطني لتصدح أصوات الشعراء الموريتانيين بعبق الكلمات الشعرية.
..
على مدار يومين كاملين إذن، سيحتفي الشعراء العرب بمناسبة ثقافية راقية المعاني، ستدق باب بعض الدول العربية هذه السنة، واعدة بأن تطل السنة القادمة على عدد أكبر و شعراء أكثر، ليلتقي الجميع في رحاب الكلمة الشاعرة، ويحلقوا جميعًا في سماء الإبداع.
.
نشر في:

27 سبتمبر 2009

لون حياتك؛ لتبلغ القمم



لا تخلو الحياة من تيارات الإحباط، التي تسعى جاهدة؛ لكسر مجاديف المجتهدين، و المقبلين بصدق على معاركها، ولعل كثيرًا منا، تهتز ثقته و يتجمد حماسه، و يرفع الراية البيضاء، لسلسلة الموجات العاتية، المحملة بالمعاني السلبية، و إن تواصل هذا الاستسلام، كان مآلنا الغرق في دهاليز كان، و التخبط في خيوط الخمول، لتنتهي المعركة بالركود في مستنقعات اليأس، و الالتفاف بمعاني التراجع، و الانهزام، في حين أنّ الحياة تشهد حركة دؤوبة، و سريعة في شتى مجالاتها ، فلا نكاد نسمع بتطور في مجال معين، إلا واستيقظنا في اليوم التالي على نبأ تطور جديد في نفس المجال، و هكذا دواليك...
فما الحياة سوى عجلة تدور باستمرار، إما أن نلحق بركبها، و نساير تطوراتها، و إما أن نتذيل آخر الترتيب، و نقف متفرجين، قابعين في أماكننا، لا نحرك ساكنا، وعندها قد نضيع عديد الفرص، و سيفوتنا لا محالة قطار التنمية، و الرقي. لهذا نسعى دائما لنكون من أفراد المجموعة الأولى، المقبلين على هذه الحياة، المجتهدين في أداء أعمالها، الصامدين أمام معوقاتها، و الصانعين للنجاحات المتميزة في شتى المجالات.
أن نكون مميزين، يعني أن نسعى دائما للنجاح بكافة أشكاله، و ألوانه، متسلحين بثقتنا في أنفسنا، وفي قدراتنا. التميز يعني أن نصنع سلما خاصا بنا، نرتقي به نحو النجاح، يعني أيضا أن نبتعد عن اقتفاء آثار غيرنا؛ لأننا بذلك نمحو آثارنا من صفحات الحياة، و إن كان المثل الشهير للنجاح يرمي إلى أن رحلة الألف ميل، تبدأ من خطوة، فأنا أراها تبدأ من موضع قدميك الحالي، فقط لا تحقرنّ نفسك، بل حاول دائما فهم ذاتك، و تلوين حياتك، لأنها السبيل الوحيد لبلوغك القمم، وإن كان الوصول إلى القمة أسهل بكثير، من الحفاظ عليها، لذا حافظ دائما على تواضعك، و ابتسامتك التي ترسم السعادة على ملامح غيرك.
ببساطة امضِ قدما، معرضا عن العثرات، التي نمر جميعنا بها، ولا تقبل بوجود مناطق مظلمة في حياتك، فالنور موجود، وما عليك إلا أن تدير الزر ليتألق، وينير طريقك. و تأكد دائما أنك لا تخسر أبدا، إلا إذا توقفت عن المحاولة، و استبشر خيرا؛ ففي كل فشل بذرة نجاح، فقط حدد أهدافك، و كن منهجيا حتى تبدل الجهد المناسب لإنجاز العمل المناسب.
.
.
.
نشر في:

30 أغسطس 2009

أيام تفصلنا عن الشهر الفضيل

أيام تفصلنا عن الشهر الفضيل


أسعار مرتفعة ... إقبال متزايد و بضائع تعج بها الأسواق


مع اقتراب إطلالة شهر رمضان المبارك بتفاصيله الكثيرة،و التي تبدأ من التجهيز لهذا الشهر المعظم بالمواد الغذائية إلى العادات والتقاليد والموروثات الرمضانية التي أبت التراجع و التي تبدو تفاصيلها واضحة في الشارع الجزائري ، الذي يرسم مشهدا رمضانيا ينعكس أثره على المحلات وعربات بيع الأغذية والحلويات والعصائر، والتغييرات التي قد تشهدها بعض المؤسسات الرسمية وغير الرسمية في تغيير وقت العمل وإنقاصه ساعة، وغير ذلك من تفاصيل حياتية تحدث مرة واحدة في السنة ولمدة شهر واحد وهو شهر رمضان الكريم ،والذي يتطلع إليه الجزائري بتفاؤل كبير بأن يكون رمضان الخير و البركات...  الأسواق الجزائرية شهدت حركة ملحوظة في بيع المواد الاستهلاكية الخاصة بهذا الشهر المبارك؛ ولأن الكرم طبع في الجزائريين فهم لن يتنازلوا عن عاداتهم وتقاليدهم الرمضانية كالاستعداد له بالتسوق، واقتناء أنواع المواد التي تدخل في تحضير الأكلات والتي تتوسط المائدة الرمضانية خلال ثلاثين يوما. المشاهير الجزائرية تجولت في أسواق العاصمة والتقت عددا من المواطنين الذين عبروا عما يجول في نفوسهم بسبب ارتفاع أسعار عدد من السلع والخوف من فقدان بعضها خاصة المواد التموينية.


بين مطرقة الحفاظ على العادات و سندان الاسعار الملتهبة

الجزائريون يرفعون شعار "كل واحد يمشي على قيسو"

عند تجوالنا في أحد أسواق بيع الخضر و الفواكه بالعاصمة،و الذي كان يشهد حالة من الاكتظاظ والازدحام، قابلنا السيد محمد الذي وجدناه يسأل عن سعر الزبيب و البرقوق المجفف (العينة) و يقارن ثمنها بنظيرتها في سوق آخر، سألناه عن أجواء التحضير لرمضان فقال وعلامات الحسرة واضحة على تقاسيم وجهه أنه ومن المفروض أن يكون: "شهر رمضان، شهر الخير والبركات شهر الصبر، الشهر الذي تتجسد فيه المحبة والألفة، إلا أن الأجواء التي تحيط بالمواطن الجزائري وتحاصره من كل جهة تغيرت بحق و الدليل على ذلك غلاء المواد الغذائية مثل اللحوم البيضاء ( الدجاج ) التي وصل سعر الكيلوغرام منها إلى 390 دينار جزائري ، و العينة التي بلغ ثمنها 500 دينار جزائري ... بزاف والله غير بزاف". أما سعاد التي رأيناها مترددة في شراء بعض الخضر لتحفظها في الثلاجة لوقت الحاجة فقالت أنها فيما يخص اقتناء الخضر و الفواكه فهي تفضل العربات و الشاحنات التي تنتشر في الشوارع ، و التي باتت توفر للمواطن احتياجاته الغذائية بأسعار تراها أقل من الثمن الذي قد نجده في الأسواق ، و أضافت أنه من طبع الجزائريين تزيين مائدة الإفطار بكل ما لذ و طاب، لكن الأسعار تحول دون ذلك. ورغم تزايد الأسعار المستمر - تقول السيدة فاطمة - الذي تعودنا عليه مع اقتراب هذا الشهر الفضيل إلا أن الأسر الجزائرية تحرص على شراء بعض المواد التي يعتبرونها أساسية وسيدة الإفطار خلال الشهر المعظم، كالتمر الذي يعد وجوده ضرورة وعادة صحية واجتماعية خلال أيام رمضان، و كذا المشمش والزبيب باعتبار أن المائدة الرمضانية لا تخلو من اللحم الحلو... "ولكن كل واحد يمشي على قيسو"أما السيدة سليمة التي وجدناها منهمكة في اختيار التوابل التي ستشكل بها (راس الحانوت) فقالت أنها بدأت بشراء البهارات التي تحتاجها وأنواع المواد الغذائية المجففة مثل الفريك الذي يدخل في تحضير الشوربة وكذا اللوز لصنع الحلويات الرمضانية التي تتميز بها السهرات الجزائرية.

التجار و البائعون:

"حاولنا توفير كل مستلزمات الشهر الفضيل، والأسواق تشهد حركة شراء مقبولة جدا"

عبد الله (بائع مواد غذائية) حدثنا عن حركة التسوق فقال أن المواطنين يحاولون الحفاظ على عادات وتقاليد العائلة الجزائرية بالتجهيز بمواد غذائية متعارف على وجودها في المطبخ الجزائري، و هي عادة ما تلاقي إقبالا في الشهر الفضيل بالذات كالفواكه المجففة، الديول... وعموما يضيف عبد الله: "أصبح المواطن الجزائري دائم التخوف من ارتفاع أسعار المواد الغذائية ولكن الله غالب كل شيء زاد و لهذا بات يتردد في التجهيز قبل دخول هذا الشهر الكريم، خوفا من انخفاض الأسعار". أما سيد علي (بائع مواد غذائية) الذي وجدناه يرتب السلع بشكل يجذب الزبائن فقال أنه و الحمد لله "قمنا بتوفير كافة أنواع المواد الغذائية التي يحتاجها المواطن خلال شهر رمضان الكريم، و المواطنون يقبلون على اقتناء مستلزماتهم بشكل مقبول جدا، ولكن منهم من لا يزال ينتظر؛ لتوقعه أن الأسعار ستنخفض أو على الأقل ستستقر في الأيام القادمة. هذا و بيّن سليم (بائع) أن هناك إقبالا على شراء مكونات المواد الغذائية والتوابل والبهارات موضحا أن هذا الإقبال أحدث انتعاشا في الأسواق، فيما لم تتضح بعض الزيادات في الأسعار لبعض المواد الاستهلاكية مشيرا إلى أن شهر رمضان يعتبر أفضل أيام السنة بالنسبة لعمل التجار حيث حاجة الناس لمستلزمات الشهر الفضيل وبكميات كبيرة؛ تنعش حالة الركود التجاري الذي يمر به التجار على مدار العام. ونحن نجول في عدد من محلات بيع اللحوم البيضاء و الحمراء بدا واضحا أن أسعار اللحوم ثابتة إلى حد ما عند جميع القصابات، و لدى اقترابنا من عمي علي ( صاحب قصابة) قال أنه لا داعي لتخزين اللحوم و الدواجن لتوفرها في أسواق الجملة ومحلات التجزئة، مشيرا إلى أن هناك ارتفاعا في أسعار بعض اللحوم نتيجة الطلب عليها وبخاصة لحوم الدواجن الطازجة. و أرجع مراد (عامل في أحد محلات بيع اللحوم) أن الارتفاع؛ راجع إلى "زيادة أسعار العلف تارة وانقطاع التيار الكهربائي وارتفاع أجور النقل تارة أخرى" وعادة ما تكون هذه الأعذار الواهية مبررا للغلاء.
بين ارتفاع الأسعار واحتمال استقرارها، يبقى المواطن الجزائري في تردد دائم، فإما أن يلجأ اضطرارا لاقتناء مستلزمات الشهر الفضيل قبل دخوله، و إما أن ينتظر أياما أخرى عسى أن تحمل نسمات رمضان الرحمة، الخير و البركات.

.

نشر في:

جريدة المشاهير الإلكترونية

13 أغسطس 2009

عندما يصبح تناولها إدمانا


عندما يصبح تناولها إدمانا
الوجبات السريعة تهدد الصحة و تنخر ميزانية الأسر


تنامي الطفرة الاقتصادية وتزايد عدد من يقضون الساعات الطوال في أعمالهم، وكذا وجود الأطفال والمراهقين بمفردهم في المنزل، وخروجاً من روتين الطعام الذي اعتادوا عليه، يُفضِّل العديد منهم اللجوء إلى الوجبات السريعة، بل ونجدهم يعرضون عن الأكل المنزلي، الغني بالفوائد أو على الأقل المضمون من حيث النظافة، و يلجأون لأكل ما لا فائدة ترجى منه.
.
وبالرغم من الدور الكبير الذي يلعبه الغذاء في توزان الجسم و مدّه بالطاقة اللازمة لاستكمال نشاطه إلا أن تناوله غير المنتظم و المتوازن يعرّض الجسم للعديد من الأمراض، فالسعرات الحرارية العالية وزيادة نسبة الكولسترول أهم ما يميزها، ضف إلى ذلك تفاوت أسعارها ما يؤثر سلبا على ميزانية الأسرة. وقد تتجاوز هذه الظاهرة حدودها في بعض العائلات، لتضفي جوا مفكّكا، فقد لا يجتمع أفرادها على وجبة طعام واحدة في اليوم، والسبب يعود لهذه الأماكن التي تلاقي إقبالا كبيرا خاصة من الأطفال والشباب، فالكل يطلب ما يشتهيه هناك ويشعر بالإستقلالية في اختيار ما يأكل.
.
الأطفال و الشباب !
الأكثر إقبالا على محلات "الفاست فود"

وعن سبب اللجوء لتناول الأكل خارج المنزل، قالت لمياء ﴿طالبة جامعية﴾، أنها و بحكم الدراسة أصبحت لا تجد حلا إلا بتناول أي شيء سريع في إحدى المحلات المخصصة لذلك وهي تتكاسل لجلب الأكل من البيت، مع أنها تدرك مضار ما تتناوله في محل "الفاست فود". أما رضوان ﴿طالب بكالوريا﴾ فيقول أنه يفضل تناول وجبة الغذاء مع زملائه في محل الوجبات السريعة مع أنها غالية الثمن وقليلة الفائدة، لكنه يرى أنه تعوّد على ذلك منذ وقت طويل، كما أنه يستمتع بالأكل مع رفاقه. وللأطفال أيضا رأيهم في الموضوع فعفاف البالغة من العمر عشر سنوات ترى بأن الوجبات المقدمة في المحلات والمطاعم جميلة الشكل ومنسقة ما يجعلها تلحّ على الأكل خارج المنزل. أما صديقتها وئام فتحبذ تناول كل أنواع السندويتشات المقدمة في المحلات وتقول أنها مدمنة على تناولها. وإذا كان رأي الشباب مؤيدا للأكل المقدم في محلات "الفاست فود" فالأمر مختلف بالنسبة للكبار الذين يرون أن ما يحضر في المنزل أنقى، أضمن وأفيد للجسم، مثلما كشفت لنا السيدة فاطمة ﴿ربة منزل﴾ والتي ترفض أن يتعود أبناؤها على الأكل خارج البيت، فهي ترى أن "تناول مثل هذه الوجبات على فترات متباعدة ممكن، لكن أن يكون أغلب طعامهم من المطـاعم، فهذا أمر مرفوض لأنه سيعود عليهم بالضرر الكبير". في حين تعترف السيدة مليكة ﴿عاملة بإحدى الشركات العمومية﴾ هي الأخرى بخطورة الوجلات السريعة حيث تقول أن "من أهم أسباب انتشار الأمراض السرطانية في عصرنا هو كثرة الاعتماد على هذا النوع من الأكل" وتضيف "مع ذلك لا أنكر أنني أعتمد عليه بشكل كبير، فأنا كسيدة عاملة دوامي يمتد إلى الساعة الرابعة مساءً، ليس لدي الوقت لتحضير الطعام بشكل يومي وأعود من عملي منهكة جدا وأسهل شيء بالنسبة لي هو أن نأكل أي شيء يحضر بسرعة ولا يستغرق مجهودا ووقتا ولهذا قد نأكل أطعمة معلبة أو نأتي بالأكل من الخارج وكلاهما فيه ضرر خطير فضلا عن استنزاف ميزانية الأسرة"
.
محلات الوجبات السريعة
"نسعى لتوفير الأجود والحفاظ على شروط النظافة"

هذا وعند اقترابنا من أحد محلات الوجبات السريعة بالعاصمة، والذي كان يعج بالزبائن من مختلف الأعمار، كشف لنا نونو ﴿صاحب المحل﴾ أنهم يحاولون بقدر الإمكان إرضاء زبائنهم وتقديم الأجود وذلك بالحفاظ الدائم على شروط النظافة. أما محمد الذي ورغم أن محله لا يبعد سوى بضع أمتار عن محل نونو إلا أن الاكتظاظ بالزبائن واحد، ويقول محمد ﴿صاحب المحل﴾ أن معظم زبائنهم من الطلبة وتلاميذ المدارس، بالإضافة إلى العاملين في الجوار، وكل هؤلاء مضطرون إلى الأكل خارج منازلهم، وهم يفضلون تناول وجبات سريعة مثل البرجر والسندوتشات، ونحن نحاول توفير ذلك لهم.
.
الوجبات السريعة والمعلبة تفتقر للتوازن الغذائي
ولأن للطب كلمته، فقد أشارت عدة دراسات وبحوث علمية لمدى تأثير هذه الوجبات على صحة الإنسان ،كما تُجمع على أن الوجبات السريعة من أشد أنواع الأطعمة خطراً على الجسم { كما تُعد من العوامل الرئيسة المسببة لأمراض القلب وتصلب الشرايين والسمنة والجلطات الدموية، بسبب ما تحتويه من قدر عالٍ من الدهون المشبعة والزيوت المحترقة...} ولعل أهم ما تفتقره هذه الوجبات هو التوازن الغذائي، إذ أن الغذاء المنزلي النظيف والمعد بطرق صحية وسليمة، يحتوي على كميات متساوية من البروتينات والدهون والنشويات والخضر ومنتجات الحليب، وهو ما يضمن غذاء متكاملا ومتوازنا، يُساعد على النمو بشكل صحي. هذا ويذهب علماء التغذية إلى أن ثلثي سكان العالم لا يحصلون على كفايتهم من السعرات الحرارية، كما يعانون من نقص البروتينات والفيتامينات والأملاح المعدنية سواء كان ذلك نتيجة نقص الغذاء أو سوء التغذية والذي ربما يُعزى في بعض الأحيان إلى الاعتماد على الأغذية المعلبة والوجبات السريعة التي لا يوجد فيها توازن غذائي كاف.
.
و بين إدراك المخاطر المترتبة عن الإفراط في تناول الوجبات السريعة، يبقى البعض مضطرا لتناولها، والبعض الآخر مصرّا عليها، فالظاهرة تجذرت في معظم المجتمعات و باتت محاربتها أمرا ليس بالهين، إلا أن حملات التوعية و وسائل الإعلام بدأت تتخذ إجراءاتها للتقليل من حدتها، من خلال البرامج التي تبثها و تنشرها عن أهمية الطعام الطبيعي وضرورة التنويع في تناول الخضر و الفواكه، وكذا تساهم برامج الطبخ التي رفعت شعار "أطبخي وجبات المطاعم في منزلك في أقل وقت وجهد" في تعليم النساء طرق إعداد وتزيين كل ما لذّ وطاب في مطبخهن الخاص.

.

.

نشر في:
جريدة المشاهير الجزائرية الإلكترونية
جريدتك الإلكترونية

22 يوليو 2009

محمد طاهر: قلم يبشر بالكثير من الخير

محمد طاهر: قلم يبشر بالكثير من الخير

يلفت انتباهك منذ قراءتك الأولى لأحد نصوصه النثرية... تلاحظ همّته و إبداعه من خلال ما ينشره في الصحف والمواقع الإلكترونية من كلمات حبرية، وفي كل مرة تتأكد من أنه كاتب راق يمتلك قلما ماسيا يبشر بالكثير من الخير.
يكتب بطريقة مختلفة، يسكب نصوصه بقوالب وأشكال جديدة، ويُحمّل لغته بالإضافة لمعانيها القاموسية، رشة إبداع تجعلها تضيف إلى تلك المضامين مضامين أخرى. طموحه لا متناه، رغم كلّ التّحدّيات التي يواجهها في زمن الأرق. قارئٌ، يجعل الاستراحةَ بين الكلمة والجملة كتابًا للمتعة. داهمته الكلمات فلم يحاول ترويضها ولا سَجْنَها ... بل تركها تنطلق على سجيّتها، فكانت تعويذة عشق ... العمل الأدبي الأول الذي جمعه بالكاتبة و المدونة المتألقة عايدة بدر. لنتعرف أكثر على الكاتب المبدع محمد طاهر من خلال هذه السطور.

.

.

.

  • بعيداً عن عالم الكتابة من هو محمد طاهر ؟ إنسانٌ، لا يرى في نفسه سوى شيئا يؤمن به ويسعى لإيجاده في خارج حدوده ...
    كاتبٌ، يحاول أن يبني تاريخا يشرفه في وقت لن يشعر فيه بذلك الشرف ... بسيطٌ، يحمل فوق رأسه أحلاما وآمالا وطموحات وهموما ...

  • حينما كنت صغيراً ماذا كنت تتمنى أن تصبح؟ تمنيت أشياء عدة، منها أن أصبح مدرسا مثل والدي أو أن أصبح مهندسا، بالرغم من أن ميولي كانت للأدب أكثر منها لأي شيء آخر، حيث أنني بدأت القراءة في مرحلتي الابتدائية، إلا أن الحلم في أن أكون مهندسا ظل يراودني، قد يكون لقدرتي وأنا طفل على الرسم الجيد سببا في ذلك لكن ما لم أنتبه له قط إلا مؤخرا.

  • متى و كيف بدأ ميولك إلى الإبداع؟ يعتقد الكثير أن النتيجة النهائية لمحبي القراءة أو رد الفعل الإبداعي الطبيعي لهم، أن يبدأوا في الكتابة، و أعتقد أنه ما حدث لي، بدأت بكتابة أشياء متفرقة لا تجتمع تحت اسم واحد، إلى أن قادني تفكيري إلى توظيف ما أكتب ضمن شكل أدبي محدد كي يخرج إلى القراء واضح المعالم.
  • ما الكتب التي تستقطب اهتمام محمد طاهر؟ أبحر في عالم الكلمة الاستوائي الذي لا بداية و لا نهاية له، أنهل من شتى المجالات، أحلق مع علوم الفضاء و أغوص في علوم الهندسة و الفيزياء، أتمعن في الأديان، إلا أنني أحبذ السباحة بين سطور الأدب.
  • لك ميل واضح للصحافة الأدبية، فمالذي يستهويك فيها؟ أعتقد أن التخصص من أهم ما يجب أن تتصف به العديد من المجالات مثل الصحافة، لا أقتنع بأن يوضع صحافي في مجال الصحافة الأدبية وهو لا يعرف مثلا من هو الشنفرى ومن هو تأبط شرا وغيرهم، و أعتقد أن دراستي أهلتني كثيرا لأن أكون أهلا لهذا الموقع.
  • لكل منا رمز يقتدي به، يجعله يسير على خطاه، من هو القدوة بالنسبة لمحمد ؟ منذ بداية تكوين الوعي عندي في مرحلة مبكرة أظنها من عمري، لم أضع نصب عيني سوى عمر بن الخطاب وخالد بن الوليد ، أجدهما شخصين تتمثل فيهما الرجولة بكافة معانيها، عاشا وماتا في سبيل تحقيق حلم.
  • ماذا تمثل هذه الكلمات لك: الحياة، الحلم، القلم، الإبداع، تعويذة عشق ؟ الحياة، إذا كانت الأشياء تتمايز بضدها فالحياة هي نقيض الموت إن لم تكن هي الموت من أراد أن يحيا فلا عليه إلا أن يميت كل ما ينغص عليه حياته أن يقتل أمسه الذي تسبب في تعاسته و أن يحيا يومه هذا فقط وكأنه آخر أيام حياته فقد يكون بالفعل آخر أيام حياته. الحلم، عن ألم الواقع وهو العالم اللامحدود هو كل شيء ولا شيء لكن من حقي أن أحلم و أن أرى نفسي كيفما شئت في أي موقع أحب أن أكون به هو كل شيء إذا تمسكنا به و هو لا شيء إذا لم يكن سوى تمني. القلم، هو كاتب التاريخ و السلاح الذي لا يفنى. ما ولا زلت أحلم بذلك هو الواقع والماضي وهو المتنبئ بالمستقبل وهو الشاهد على كل شيء. الإبداع، هو نتاج لحظة جنون لا يستمتع به سوى المهووسون. تعويذة عشق، المولود الأول لي هو الابن الذي كان جنيني أنا، كان حلما فخاطرا فاحتمالا ... ثم أصبح حقيقة لا خيالا كما تقول أم كلثوم. هو مشهد بين اليقظة و النوم لم أدعه يضيع من خيالي بل سعيت و لهثت خلفه حتى تحقق.
  • كيف جاءت فكرة تعويذة عشق؟ الفكرة جاءتني في لحظة بين الغفلة واليقظة، رأيتني مع الدكتورة عايدة بدر نجلس مع أحد المقدمين على منصة يستمع إلينا عدد غفير من الحضور نتحدث ونناقش كتابا صدر لنا، في اليوم التالي تحدثت مع د/ عايدة في بادئ الأمر ظنت أني أهذي أو أنه مجرد كلام أقوله فقط وحينما بدأت بتجميع ما أكتب وتوظيفه وتجميع ما تكتب هي الأخرى وإقناعها بالأمر أكثر وأكثر بدأت تحلم بنفس الحلم انتهينا من الكتاب وجمعنا زخاتنا ونسقناها فكانت تعويذة عشق.
  • ما سر اختيارك لقصائد النثر كنوع أدبي ؟ في ظل دراستي بكلية الآداب قسم اللغة العربية لمدة أربع سنوات لم أكن أشحن ضد شيء أكثر من قصيدة النثر، وقد تم عرض العديد من الأشكال التي تعبر عن هذا الفن،كان معظمها رديئا وغير مفهوم، بالطبع أنا ضد قصيدة النثر لكن أنا ضدها كاسم لا كمسمى أعترف بوجودها فنا قائما بذاته لكن لا أعترف أن يسمى كاتبه شاعرا فليسمى بأي اسم آخر. الجميل في هذا الفن أنك تكتب بلغة شعرية لكن بتحرر من القيود بتحرر من كل شيء وهذا ما جذبني لها.
  • ما هي العراقيل التي تصادف محمد طاهر في مسيرته الإبداعية ؟ التكاليف المادية تحجم وتقلل من قدرتك على النشر إذا كان لديك الغزير من الأعمال و هذه هي أصعب ما نواجه دوما كذلك قلة عدد القراء في مصر أن تكتبي وأنت تعلمين أنك تكتبين لمن لن يقرأ هو كذلك شعور سخيف.
  • برأيك من هو الكاتب الناجح ؟ هو الذي يستطيع أن يبقى رغم الظروف هو من يؤمن بنفسه وأنه كاتب ناجح بذلك سيظل هو من يحترم عقلية القارئ ويحترم ثقافته من يستطيع بقلمه أن يقول ما يريد أن يقوله الملايين أن يعبر عن القبيح ليس بأقبح منه. هو من يذهب بالقارئ خارج حدود نفسه وخارج كل الموجودات.
  • هناك العديد من المواهب في مصر مدفونة تحت الأرض. ترى من المخطئ في ذلك؟ الشباب أم المسؤولون؟ الحياة في مصر معركة، إما أن تحيا أو أن تتواجد لذلك نجد الكثير من الموهوبين الذين يبدأون ثم لا تجدينهم بعد ذلك هو عيب الثقافة المجتمعية، الثقافة التي تولي الراقصة قدرا أكبر مما توليه للكاتب .
  • ماذا يعدّ لنا الكاتب محمد طاهر للمستقبل من نتاج أدبي ؟ مشاريعي الأدبيّة كثيرة، منها ما أصبح مخطوطا جاهزا ينتظر الطّباعة، وهو كتاب اتخذت من نفس الشكل الأدبي شكلا له سيكون اسمه تســابيح إن شاء الله. أما مشروعي الأدبي الكبير فهو كتابة رواية عالية القيمة الأدبية، والفكرة تعتمل في داخلي و تتبلور على مهل، ذلك أنها تجربة يجب أنْ تختمر.
  • كلمة أخيرة؟ أريد أن أشير إلى شخص يقف دوما بجانبي، يحوطني ويرعاني و يؤمن بي أكثر من نفسي و يراني دوما كما أريد أن أكون مسبقا، شخص أتوجه له بالشكر طيلة حياتي.

.

.

نشر في:

جريتك الإلكترونية











11 يونيو 2009

مسحة صوفية في زخات: تعويدة عشق


تنظم مكتبة البلد يوم 12 يونيو 2009 حفل توقيع كتاب " زخات : تعويذة عشق " الذي جمع المدونين و الكاتبين المتألقين محمد طاهر و عايدة بدر و ذلك في تمام الساعة السابعة مساءً .
...
" زخات : تعويذة عشق " الصادر عن دار الكاتب في طبعته الأولى يقع في حوالي 96 صفحة من الحجم المتوسط يحتوى على 19 قصيدة نثر عشرة من بوح قلم محمد طاهر و تسعة جادت بها عايدة بدر لتصب جميعها و تجول في بساتين الحب و زهوره المكللة بندى الطابع الصوفي فنقرأ " ارتواء " و " معا في اللامكان " و " تعويذة عشق " الذي جاء عنوان الكتاب حاملا لاسمها.
...
الدعوة موجهة للجميع لحضور حفل التوقيع يوم الجمعة 12/6 بمكتبة البلــد 31 ش محمد محمود، التحرير،
أمام الجامعة الأمريكية فوق كافيه سيلانترو في تمام الساعة السابعة مساء.
.
.
.
نشر في مجلة أقلام الثقافية

07 مايو 2009

تميز ... نجاح ... فقدوة



وجهه المستدير، نظراته المستقيمة و عيناه البريئتان، تفاصيل تنبئ عن شخص هادئ هدوء نسمات الصباح الأولى، تراه حازما كقائد كتيبة على وشك المواجهة‏ عند بداية المعركة، التي نتقابل فيها وجها لوجه ليمطرنا بزخات من أفكاره الغزيرة التي تجبرك على متابعته بشغف و تندم على أي وقت يفوتك معه، باهتمام تجده ينصت إلى ما في جعبتنا من ركام.‏ مبتسما بوجه طفولي جميل القسمات يروح و يجئ، ماسكا سلاحه الأبيض الطبشوري و مجيبا على كل أسئلتنا بصدر رحب .
.

هو ذا معلمي، الذي قال فيه أحمد شوقي كاد أن يكون رسولا ... هو حامل رسالة لغة الضاد التي ألفته
و ألفها لينقلها و يوصلها إلى الأجيال المتوالية عبر أقسام مدرسة الأمومة الابتدائية .
في حي حسيبة بن بوعلي بالجزائر العاصمة نشأ و ترعرع، في أحضان عائلة بسيطة و محافظة لطالما تنبأت له بمستقبل زاهر، ليثبت توقعاتهم مع أولى خطواته في المدرسة، ليزيد تميزه في مراحل دراسته الإعدادية
و يتوجها بالنجاح الأكبر: حصوله على شهادة البكالوريا ليدخل جامعة الجزائر من بابها الواسع مختارا قسم الأدب العربي تخصصا له .
قلمه الماسي لطالما داعب الورق ليبوح بخوالجه في شكل قصص قصيرة و مسرحيات، أهدى بعضها لتلاميذه ليتم عرضها في عديد الاحتفالات و المناسبات و مختلف المسابقات التي عادت منها محملة بالجوائز و مثقلة بعبارات الشكر و الثناء، فرفعت اسمه و اسم المدرسة عاليا .
الاجتهاد، المواظبة و تحمل المسؤولية، شعارات يسير على نهجها و يسعى لغرسها في شخصية كل من تتلمذ على يديه، فهو المؤمن بدور المدرسة و المعلم في ترسيخ أنبل الصفات و أحمدها و أن من شب على شيء شاب عليه .
.
فلسفته في الحياة، يرسمها التفاؤل و يحدد معالمها رصانة عقله ليلونها تعامله المعتدل و المتزن مع متغيرات عيشه بأفتح الألوان و أكثرها دلالة على الإيجابية .
.
.
.
نشر في مجلة أقلام الثقافية

26 أبريل 2009

روتين ...





تغدو الحياة وتتوالى الأيام و الليالي دون جديد يذكر ،
أحداث تعاود تفاصيلها من بزوغ الشمس إلى غروبها
مع اختلاف بسيط يداعب ساعات اليوم ...
.
.
.

البداية استفاقة متثاقلة ... أفكار عشوائية و خطوات مترددة في نفس المعاد من كل يوم نخلع نومنا و نلبس يومنا نصطبح على كوب قهوة و قطعتي سكر علّها تحلي ما يخبؤه حضن هذا اليوم الجديد .
بمجرد خروجنا من البيت تغدو ساعات اليوم بسرعة كأنها دقائق معدودة ، مقبلين على مشاغل الدنيا ... راكضين وراء قوت العيش ، ضغط يخلف تذمرا من هذا أو ذاك ... تشاؤم يصنعه روتين مميت ما يفتأ يترك فينا بصماته فتتغير عاداتنا و طباعنا : قلق يلازمنا ... عصبية تجتاحنا ... فأمراض لا تبرحنا .
.
هي ذي أيامنا في زمن العولمة كلها متشابهات ... يطبعها روتين يتسلل رويدا رويدا، ليتربع على عرش نفسيتنا، يقضي على طموحنا و يفتر إرادتنا
ويطفئ شمعة الأمل التي نستنير على ضوئها.
.
.
.
نشر في جريدة شباب مصر

24 مارس 2009

لغة الضاد تشكو عاداتنا


تتوالى السنوات ... تندثر أجيال و تأتي أجيال أخرى
و لكل حقبة سماتها و عيوبها و في زمننا هذا
بات التغير المستمر أحد نعوت الواقع الراهن
فقد تغير كل شيء فينا بما فيه عاداتنا ...

اعتدنا أن نشتق أفعالنا من أفعال الهوان و الخمول
اعتدنا أن ( ننصب ) و نستغل من هم أضعف منا
اعتدنا أن ( نجر ) الخيبة و نجعلها شعارا لنا
اعتدنا أن ( نضم ) السلبيات إلى قاموس حياتنا
اعتدنا أن نكون ( ضميرا مستترا ) حين تتطلب منا المواقف الجرأة و التحدي
اعتدنا أن يتكلم كل واحد منا عن نفسه وفقط و يتناسى ( نا الجماعة )
اعتدنا أن نسيء للآخرين - بقصد أو بغير قصد -
و نوظف ( الأفعال المتعدية ) لننصب على ( مفعولين ) بدل واحد
اعتدنا البكاء على ما مضى و حصر أفكارنا في ( كان و أخواتها )
اعتدنا التجرد من مسؤولياتنا كما يتجرد ( الفعل المزيد ) من حروفه
كثرت عاداتنا و تغيرت
و بات لزاما علينا
بـ ( فعل الأمر )
أن نغير حالنا و نصنع ذاتنا
لنكون محل رفع ( الفاعل ) لا نصب ( المفعول به )
.
.
.
نشر في مجلة أقلام الثقافية

17 مارس 2009

تستمر الحياة ... و هاهو الوقت يضيع





الوقت كالسيف إذا لم تقطعه قطعك


مقولة كثيرا ما ترددها الأفواه، لكن القليل من يعمل على تطبيقها، بل حتى إذا سعيت لتفعيلها
وجعلها شعارا تسير عليها وجدت من يعيقك بل ويسعى جاهدا ليضيع عليك وقتك ...
فمثلا تضطر للانتظار طويلا لتركب أي وسيلة نقل للذهاب إلى مكان عملك أو دراستك، و عند وصول أي مكروباص ستجد نفسك تصارع من يقاسمونك نفس المعاناة يوميا للفوز بمكان تقف فيه لتصل إلى وجهتك، و تستمر الرحلة و ها هو الوقت يضيع ...
.
و حتى لو كنت ممن كرم الله عليهم بسيارة، فأنت لن تسلم من الذين يضيعون عليك وقتك لأنك لا محالة ستجد نفسك وسط كم هائل من السيارات، ما يشكل ازدحاما رهيبا و ستصارع طبعا مع من يقاسمونك هذه المعاناة اليومية للخلاص من هذا الازدحام و الفرار منه، و تستمر الرحلة و ها هو الوقت يضيع ...
.
و إن لم تكن لا من الذين يركبون المواصلات أو من أصحاب السيارات، و قررت السير على قدميك لأن مشوارك لا يستدعي لا هذا و لا ذاك، ستجد من يقاسمونك هواية المشي مما يجعل الشوارع مكتضة بالمارة ... فتضطر للتأسف في كل مرةأردت أن تسبق أحدهم أو تتعدى الآخر، و تستمر الرحلة ها هو الوقت يضيع ...
.
وما أجمل لو قصدت أي مكتب لاستخراج أوراق أو دفع ملف أو الاستفسار عن قضية غامضة، ستجد من يستقبلك بعد مضي ساعة أو ساعتين في أحسن الحالات أما أسوأها فهي أن تضطر للرجوع مرة أخرى لتكرر معاناة الانتظار، و تستمر الرحلة وهاهو الوقت يضيع ...
.
و في آخر اليوم، ستجد أنك قد أضعت ساعات طويلة من دون فعل مفيد أو غاية تذكر و أنه من تسبب في ذلك أناس يعتقدون أنهم يعملون على خدمتك و أن وقتهم من ذهب، وفي المقابل لا عمل لك سوى انتظارهم. فاحرص أن لا تكون ممن يضيعون وقتهم ووقت غيرهم.
.
.
نشر في جريدة شباب مصر

21 فبراير 2009

نظرة لغد أفضل



الحياة مد
و جزر ...

طلوع
و هبوط ...

مرتفعات
و منحدرات

يشوبها الفرح
و الحزن ...

ويتخللها الأمل و اليأس ...

ومن الطبيعي أن لكل واحد منا ذكرياته التي نقشت على صفحات كتابه الذي ما فتئ يخطه و هو يسير
ويواكب متغيرات الحياة، و لو بحثت في محتوى هذه الصفحات و قلبتها لوجدت أن منها ما كان مفرحا ومشحونا بأجمل المعاني التي تزيدك طموحا وقوة للإقبال على الحياة، و لكن في المقابل ستجد ذكريات محزنة طلت عليك في أيام حرجة وضمت متغيرات مؤلمة ومن المؤكد أن كل واحد منا يتمنى لو لم تمر عليه مثل هذه المواقف الحادة كسحابة صيف شتوية تمطر و ترحل ... مخلفة آثارا و تاركة بصمات على صفحات حياتنا، لكن الاختلاف بيننا جميعا يكمن في قدرة الشخص على تجاوزها و مدى استعداده للتغلب على هذه الحالة الكئيبة التي تجتاحه و تسيطر عليه غير تاركة مساحة للتفكير في كل لحظة مبهجة مرت عليه ... .
تعلم إذن كيف تصنع من الصخور المبعثرة التي تعرقل طريقك سلّـما ترقى به حتى يشتد عودك و يقوى
وتعلم كيف تنسى ما مضى و عدى من أيام صعبة آخذا دروسها عبرة تعتبر بها في المستقبل ... فمن الخطأ نتعلم، ولا تقبل أن تتحول إلى آلة تضخ الحزن ضخـا و تخزنه تخزينا ... فتحصر نظراتك و تشحن مشاعرك بطاقة سلبية تعميك عن رؤية كل جميل يحيط بك .
.
تذكر أن الحياة ما هي إلا تجارب نتعلم منها ... فتعلم كيف تكسر القيود التي كبلتك وجعلتك رهينة لماضيك و تعلم كيف تعيش بقلبك السابق و لكن بنظرة ملؤها التحدي متخذا حياتك المستقبلية ميدانا
له لتتمكن بعدها من تحقيق المحال ...
.
.

نشر في جريدة شباب مصر

هنا

14 فبراير 2009

رحلة انسان ...


ما الحياة إلا محطة ينزل فيها جميع البشر ... صفحات ملؤها التناقضات ... فهي تجمع بين الشيء وضده ... بين الصدق
والكذب ... بين الضحك و البكاء ...
بين الأمانة والنفاق ... وبين و بين ...


وإن دققت وجدتها كتابا خطّ في صفحته الأولى : في يوم كذا ولد فلان بن فلان على الساعة كذا ليستقبل هذه الحياة بصرخة تدوي في الأرجاء لتعم المكان و بكاء متواصل سرعان ما يهدأ ، لا أعلم معنى ما يحصل في كل يوم ولادة تشهده الحياة أهي دموع فرحة نزلت على وجنتي خد بريء لانبهاره بالحياة
و ارتمائه في أحضانها و هو في درجة من السعادة لم يجد أحسن من الدموع و الصراخ عاليا للتعبير عنها ، أم هي دموع حزن تسلسلت ثم انهمرت لأنه يعلم ما تضمه الحياة و ما ينتظره من تعب و جهد و هو يخش أن لا يكون أهلا لها ... وفي الحالتين يبدأ البني آدم كتابة مسيرته على أوراق ندية يحملها كتابه و يضم إلى صفحاته مزيجا من الأحاسيس المتمايزة و المختلفة على حسب اليوم و الشهر و السنة فقد تجدها متعبة أحيانا لكنها لا تخلو من طعم السعادة الذي يأتيك من حيث لا تحتسب ليعيد البسمة و يرسمها على شفتيك، و قد تراها مريحة أحيانا أخرى إلا أنها تضم لحظات يأس تنتابك بين الفينة و الأخرى تقتل فيك جميع المعاني الايجابية . أما في صفحة الكتاب الأخيرة فهي تحمل بيانات فحواها في يوم كذا رحل فلان بن فلان على الساعة كذا ... ليتم بذلك رحلته و يُغلق كتابه الذي يشهد على آثار أعماله و ينزل إلى محطته الأبدية أين سيستقر هناك .
.
هي رحلة إنسان ... قد يبدو الكتاب سميكا و مليئا بالأحداث ... و صاحبه كثير المواقف التي تشهد على صدقه و أمانته و قد يكون العكس تماما ... مهما اختلافنا فإننا سنوارى إلى مكان واحد ... مكان كتب على شاهده مر يوما ما من هنا ...

.
.
نشر في جريدة شباب مصر

07 فبراير 2009

تطبيق المنهج التجريبي على المادة الحية محل جدل ...


لعبت الفلسفة دورا أساسيا في تقديم تفسير عام للوجود و فهم شامل لعلاقة الإنسان بالطبيعة، فتحولت مع مرور الزمن إلى أداة لفتح مجاملات جديدة أمام الفكر، مما أدى إلى ظهور علوم مختلفة اتبعت منهجها التأملي العقلي و لغتها التي تعتمد على الوصف، و سارت على خطاه، و لكن مع تقدم العلوم الطبيعية و تطور الحياة الاجتماعية كان حافزا أساسيا لاستقلال الكثير من مجالات المعرفة عن الفلسفة في شكل علوم مختصة قائمة بذاتها كانفصال الفيزياء عنها على يد نيوتن و الكيمياء على يد لافوازييه، و اتبعت المنهج التجريبي الذي يقوم على الملاحظة ، الفرضية و التجربة و يعتبر (فرنسيس بيكون) أول من وضع أسس المنهج التجريبي في العصر الحديث و أقام هذا المنهج على المادة الجامدة، حيث بفضله تقدمت العلوم الفيزيائية الكيميائية تقدما كبيرا و هذا النجاح الكبير الذي حققته يرجع لاستخدامها المنهج التجريبي الشيء الذي رغب علماء البيولوجيا في استعارة نفس المنهج من أجل تحقيق نفس النتائج.
فهل ستنجح البيولوجيا في استعارة المنهج التجريبي و تطبيقه ؟ أو بمعنى آخر هل يمكن للمنهج التجريبي الذي وضع خصيصا على المادة الجامدة أن يطبق على المادة الحية بالرغم من العوائق التي يطرحها موضوعها ؟؟

إن المنهج التجريبي الذي وضع أساسا للمادة الجامدة يصعب تطبيقه على المادة الحية و ذلك للصعوبات التي تعترض علم البيولوجيا في تطبيق خطوات المنهج التجريبي و هي صعوبات تتصل بطبيعة موضوعها ذاته الذي يختلف عن المادة الجامدة و هذه العراقيل تعرف بالعراقيل تعرف بالعوائق الابستيمولوجية، إذ أننا لا نستطيع تقسيم المادة الحية إلى أجزاء لأنها تمثل وحدة عضوية متكاملة فإذا كان التجريب على المادة الجامدة لا يطرح أي إشكال فان ذلك يشكل صعوبة في المادة الحية فلو فصلنا أحد أعضاء الجسم للتجريب عليه فإننا نفسد طبيعته و نفقده وظيفته لذلك يقول (كوفييه ): " إن محاولة فصل أي عضو عن الجسم هو موت الجسم " أي أن تشابك وظائف أعضاء الجسم يصعب إمكانية فصلها قصد التجريب عليها و هذا العائق يطرح مشكلة دقة الملاحظة عند علماء البيولوجيا لأن معرفة وظيفة أي عضو تقتضي ملاحظته أثناء قيامه بوظيفته و هذا أمر ليس سهلا. كما أن الكائنات الحية ليست متجانسة كما هو الشأن في المادة الجامدة، الأمر الذي يجعل تعميم النتائج فيه نوع من التعسف خاصة بعد التجربة التي قام بها (لويس أغاسيز) على الأصداف حيث انه من بين 27000 صدفة لم يعثر على صدفتين متشابهتين، بالإضافة إلى مشكلة أخلاقية تتمثل في تحريم أو منع التشريح على الإنسان بحجة الدفاع عن كرامته و هذا كله من شأنه أن يؤخر تقدم العلوم البيولوجية مقارنة مع العلوم التي لا تعاني مثل هذا المشكل الأخلاقي ( الفيزياء و الكيمياء مثلا ) . هذه العوائق و غيرها تكفي لتبرير تطبيق المنهج التجريبي على الظواهر الحية .
لكن هذه المشاكل يمكن وضعها في إطارها الزمني فقط لأن التطور التكنولوجي ووسائل البحث مهد لإمكانية استخدام التجربة على المادة الحية كما ساهم كثيرا في تخفيف بعض العوائق و تجاوزها خاصة بالنسبة للملاحظة و التجربة، فملاحظة نمو نبتة مثلا كان أمرا صعبا لأنه كان من غير الممكن تتبع أدق التفاصيل و ملاحظة أهم الظواهر التي تمر بها أثناء نموها، و لكن اليوم مع تطور الأجهزة الكاشفة كالكاميرا يمكن معرفة كل مراحل نمو هذه النبتة و مميزات كل مرحلة عن طريق مشاهدة المونتاج. و بهذا لا يمكن الاستسلام لهذه العوائق لأن العلم قائم على التجربة مما يجعل علم البيولوجيا محكوما عليه باستخدامها لتفسير ظواهره تفسيرا صحيحا، فهل سينجح هذا العلم في تطبيق المنهج التجريبي؟

يرى (كلود بر نار) انه ينبغي لعلم البيولوجيا أن يستخدم في تطبيق المنهج التجريبي حيث يقول : " يجب على علم البيولوجيا أن يأخذ من العلوم الفيزيائية الكيميائية المنهج التجريبي لكن مع الاحتفاظ بحوادثه الخاصة و قوانينه الخاصة " و لذلك يمكن إقامة خطوات المنهج التجريبي من ملاحظة، فرضية و تجربة حسب ما تسمح به طبيعة المادة الحية أي أن التجريب ممكن بل ضروري في المادة الحية و لكن مع مراعاة طبيعتها أي التكيف معها، و من ذلك تجربة برنار الشهيرة على الأرانب و التي بدأت بملاحظته أن بول الأرانب الموجودة في مخبره حامضي و ذلك لأنها تركت بقعا على الرخام مع أنها آكلات أعشاب و من المفروض أن يكون بولها قاعديا، استعمل برنار ورق PH للتحقق من حموضة هذا البول فوجده كذلك، و لهذا افترض برنار أن الأرانب لما جاعت استهلكت بروتين جسمها المدخر، و للتأكد من صحة فرضيته كان عليه أن يصطنع الظاهرة و ذلك بتجويع الأرانب للحصول على البول الحامضي، و فعلا عندما جوع الأرانب حصل على البول الحامضي ثم كرر التجربة عدة مرات مستعملا قاعدة التلازم في الحضور و الغياب و التي تنص على أن حدوث الظاهرة (أ) متبوعة دوما بحدوث الظاهرة (ب) فانه يستلزم أن الظاهرة (أ) هي سبب الظاهرة (ب) و غياب الظاهرة (أ) متبوعا دائما بعياب الظاهرة (ب) يستنتج منه أن الظاهرة (أ) هي سبب الظاهرة (ب) طبق برنار هذه القاعدة و لا حظ أن صيام الأرنب يعطي بولا حامضيا و أن غياب الصيام يعطي بولا قاعديا كذلك تغذية الأرنب تغذية عشبية أعطت بولا قاعديا و غياب التغذية العشبية أعطى غياب البول القاعدي و للتأكد أكثر من فرضيته غير مدة الصيام و قاس في كل مرة نسبة الحموضة في بول الأرانب فوجد انه كلما زادت مدة الصيام زادت نسبة الحموضة في بول الأرانب و عليه فقد استنتج أن سر البول الحامضي يكمن في التغذية المقدمة للأرنب و لو كانت فرضيته صحيحة فهذا يعني أن الأرانب تملك آليات تساعدها على هضم البروتين مع أن الاعتقاد الشائع على آكلات الأعشاب أنها لا تملك آليات لهضم البروتين و لذلك قرر أن يجرب طبخ قطعة من اللحم و طحنها و مزجها مع العشب حتى تتمكن الأرانب من أكلها و بعد أن تغذت هذه الأرانب انتظر (برنار) مدة تعادل دورة هضم الغذاء، ثم التقط بول هذه الأرانب فوجده يحوي على نسبة من الحموضة و عليه فقد استنتج أن البول الحامضي سببه التغذية البروتينية و لكي يستطيع تعميم نتائجه أعاد التجربة على الحصان فحصل على نفس النتائج المحصل عليها عند التجريب على الأرانب، فصاغ القانون الذي ينص على أن كل آكلات الأعشاب إذا ما جاعت استهلكت بروتين جسمها المدخر.
لقد كانت تجربة (برنار) رائدة في تاريخ البيولوجيا و فتحت الأبواب أمام هذا العلم لدراسة واقعية و موضوعية من يومها و المحاولات تتوالى لتطبيق الدراسة التجريبية، لكن رغم ذلك نلاحظ أن هذه التجربة سطحية و بسيطة، إذ تتميز بخصائص كيميائية يسهل السيطرة عليها و تفسيرها، غير أن المادة الحية معقدة و متشابكة و لهذا فان تطبيق المنهج التجريبي عليها ليس دوما سهلا و بسيطا، فالتشريح لا يزال من لا يرغب فيه أما لأسباب أخلاقية أو دينية، كما أن الملاحظة رغم إمكانياتها فهي لا تبلغ درجة الدقة الموجودة في المادة الجامدة نظرا لتشابك و تعقيد المادة الحية ذاتها، و لهذا لا يزال العلماء إلى يومنا هذا يحاولون تكييف المنهج وفق الخصائص حتى نتمكن من فهم المادة الحية.

مما سبق تحليله ، نستنج أن جهود (كلود برنار) و علماء البيولوجيا بعده قد مكنت هذا العلم من استخدام التجريب كما أن نجاح دخول المنهج التجريبي على المادة الحية أمر واضح و غير قابل للتكذيب لكن طبيعة المادة الحية و ارتباطها بالأبعاد الأخلاقية جعل التجريب نسبيا لذلك لم تصل بعد إلى نفس درجة تطور علوم المادة الجامدة، و هذا يدل على ضرورة مواصلة البحث في الدراسة العلمية للبيولوجية و عليه يمكن القول انه يمكن التجريب في البيولوجيا لكن في حدود تقتضيها طبيعة المادة الحية ذاتها .
نشر في جريدة شباب مصر

05 فبراير 2009

قاموس الحياة المعاصرة



آه عليك يا زمن ...


تغيرت فيك كل المعاني و تبعثرت فيك الحروف و باتت كل كلمة تحمل في طياتها معنا قاموسيا إيجابيا تضم إلى كل ما ليس له محل من الحياة المعاصرة ، فعلى سبيل المثال لا الحصر ، أضحت عبارة صلة الرحم غريبة المعنى ... ثقيلة المسمع ... يسهر على تنفيذها غير العقلاء ...
و بهذا فقدت محلها من قاموس من يطلق عليهم العقلاء تبعا لمعايير هذا العصر ... حتى العبارات الاعتراضية على السوء و أشكال الفساد ... غاب محلها و تشرد معناها و ضاع وسط زخم التأييدات ... فلم تجد لها محلا إلا في مذكرات من يؤمنون بأن السكوت عن الحق شيطان اخرس .


بالمقابل أصبح للأفعال الماضية الناقصة دور مهم ... بل و رائد في زمن العولمة ...
و كل يتقيد بدورها : يرفع شعارات الأخلاق و المساواة لكنه ينصب على أول من يتعامل معه تحقيقا لمصلحة في نفسه ... و عدد و لا تحصي الكلام المشبه بالأفعال ... فقد اكتشف الكثيرون موهبتهم الرهيبة في سن الخطب و الأقاويل دون العمل
على تنفيذها مما يجعلها مجرد أمنية و ترجي يستأنس بها كل من يتخذ من الأمل صديقا ...



تناقضات عديدة تعتري زمننا هذا ... و أصناف بشرية مختلفة التفكير ... قليلون هم أم كثيرون ليس هذا ما يثير اهتمامنا ... المهم أننا نجد من يقاوم و يأمل في التغيير، و يعمل جاهدا على حذف الكلمات السلبية من جمع القواميس السالمة .


نشر في شبكة الصحيفة العربية الالكترونية

هنا