15 أغسطس 2008

بين الأمس و اليوم


حال الدنيا اتغير ...

العبارة دي أنا سمعتها من الحاجة زبيدة سيدة محترمة و شديدة الطيبة رسمت الحياة على وجهها السمح خطوطا عميقة عمق تجربتها في هذه الحياة ... زرتها في بيتها المتواضع و البسيط ... آملة في التعرف على نظرتها لحال لدنيا بين الأمس و اليوم ... ظلت تردد تلك العبارة وكلها أسف مع تنهيدة عميقة يصاحبها "أستغفر الله العظيم" فهي تحن إلى زمن مضى ... بمجرد سؤالي لها عن الفرق بين أيام زمان و دلوقتي ردت دون تفكير : بساطة الحياة و راحة بال الناس ... زمان الناس كانت طيبة و تراعي بعض و تخاف على بعض قلتلها و أنا أهز رأسي راح فين كل ده ... ردت و قد ارتسمت على وجهها ملامح الحزن ... دلوقتي خلاص كل واحد عايش لنفسه و بس ... مش بيفكر في غيره حتى اللي عايشين معاه تحت سقف واحد مش داري بيهم ... كانت تسكت قليلا و كأنها تريد أن تقول لي أحكيلك إيه و لاّ إيه ... ثم تواصل في كلمات متثاقلة دلوقتي كل حاجة بقت موجوده اه ... و ممكن نجيب اللي احنا عاوزينه اه بالفلوس اللي بقت الشغل الشاغل للناس ... قاطعتها من غير قصد و قلتلها فعلا الماديات أكلت عقل الناس و بقت محور حياتهم الرئيسي على حساب حجات ثانية ... ردت في حسرة أيوة الفلوس على حساب حجات كتيرة أهم و بكل الطرق المشروعة و الغير مشروعة المهم الفلوس ... بس هم ّ نسيوا أهم حاجة الأخلاق و راحة البال اللي لا يمكن حد يشتريها و لا يبيعها ... فعلا لا تشترى و لا تباع ... بس مش عارفة إذا كانوا ناسيين فعلا و لا بيتناسوا ... ردت علي النتيجة واحدة ضياعنا وسط الحجات الوحشة اللي بنشوفها اليومين دول ... طيب تقدري تقوليلي فين الجار اللي كان يسأل على جاره ... فين روح التعاون اللي كانت تجمع سكان الحي في الفرح أو القرح ... فين و فين ... ؟ معرفتش أجاوب عارفين ليه لأنهم قليلين في زمننا ده ... كنت اسمعها بكل انتباه ... كلامها ولد تساؤلاتي و أثارها ... لماذا أصبحنا نجد الخيانة أكثر من إيجادنا للوفاء و الإخلاص كأننا نبحث على ابرة في كومة قش ... لماذا عوض الكره الحب في قلوب البعض ... لماذا سيطر الحقد و أعمى بصيرة البعض الأخر و تخلوا بذلك عن التسامح
و العفو ... لماذا تغير حال الدنيا؟

الحاجة زبيدة و هي بتتكلم لفتت انتباهي لنقطة هي قالتها ... بقينا لما نشوف شخص صالح نتعجب و نندهش ... مع ان العكس هو اللي لازم يكون ... ألهذه الدرجة قل أصحاب الشيم الصالحة وسط زخم الطالحين ... مع ذلك أنا دائما أومن أن الدنيا لسه بخير و مينفعش نعمم ... لكن مع ذلك لا ننكر أننا نجد من تغير و لهذا تساؤلاتي كانت تذهب
و تجيء ... من غير فينا قيمنا و أخلاقنا السامية ... من قلب حياتنا رأسا على عقب صرنا نمدح الطالح و نذم الصالح ... نحن المسئولون أم ظروف الحياة الصعبة التي نواجهها فلا يقوى بعضنا على تحملها أم ماذا ؟


بين الأمس و اليوم دروس تحتاج إلى تقييم و بحث في الأسباب ... ودعت الحاجة زبيدة و كلي إعجاب بكلامها ... رغم أنها لم تدخل مدرسة إلا أن مدرسة الحياة نحتت في شخصيتها أنبل الصفات و أجملها ... و الآن أوجه أسئلتي لكم حقيقي حال الدنيا اتغير على رأي الحاجة زبيدة أم أنه نتاج لتوالي تطورات الحياة ... و ما نشهده اليوم نتيجة متوقعة لها و لنا في ذلك جزء من المسؤولية ...

هناك تعليقان (2):

Unknown يقول...

كان زمان عدد الناس قليل
كان في مشاكل برده كتير وفي غدر وخيانة بس وضع الماديات مكنش بالقدر ذاته من حيث الأهمية القصوى
دلوقتي عدد الناس زاد
دلوقتي العيشة بقت صعبة عالناس
دلوقتي كله عايز يحافظ على نفسه
عشان كده سلبيات المادية بدأت تظهر

موضوع ظريف جدا وعجبني الاسلوب المتسلسل حوار بنشوفه كتير فعلا بس الحاجة زبيدة زي ما يكون هي رمز كل الناس الكبيرة دي

آمال حاجي يقول...

محمد،أمطرت الصفحة عطرا
بتواجد حرفك الدافئ هنا

لروحك هطول أفراح من السماء